مقدمة عن العلاج بالموسيقى ودورها في تطور الطفل

تعود أصول العلاج بالموسيقى إلى العصور القديمة. وثّق فلاسفة اليونانيين القدماء استخدام الموسيقى كإحدى الأدوات العلاجية، وطبقوها بشكل منهجي ومنظم، وسجلوا تأثيرات الموسيقى المختلفة على الصحة الجسدية والحالة العقلية. وفقا لدامون أثينا، وهو مُنَظِّر موسيقي من القرن الخامس قبل الميلاد وأحد معلمي سقراط: “الموسيقى قوية لأنها تقلد حركات الروح”. ووفقًا لوجهة النظر الأفلاطونية، تصف الميثيولوجيا الإغريقية ديونيسوس وحديثه عن قدرة الموسيقى وتوجيهها من خلال الطقوس المناسبة، إلى ما أطلق عليه الإغريق القدماء التنفيس وتطهير الروح [1].


مر فهم الناس لكيفية تأثير الموسيقى على صحة الإنسان بمراحل عديدة. حتى تم تطوير وتوثيق طرق العلاج بالموسيقى حسب أسس البحث العلمي الحديث. تتحدث العديد من أبحاث العلاج بالموسيقى [1][2][3] عن فعالية هذا العلاج. واليوم تم الاعتراف أيضًا بمهنة المعالج بالموسيقى في بعض من دول العالم.


يُعرف مُجَمَّع المعالجين الموسيقيين في الولايات المتحدة الأمريكية العلاج بالموسيقى بأنه الاستخدام الطبّي والمبني على الأدلة للتدخلات الموسيقية لتحقيق أهداف الرعاية الصحية والتعليمية الفردية، ضمن علاقة علاجية بين المريض وإخصائي الموسيقي المعالج المعتمد ومعترف به. العلاج بالموسيقى هو عملية منهجية ومنظمة وهادفة، يقدمها شخص متخصص. وتشمل هذه العملية: تقيم احتياجات الطفل (أو البالغ)، ووضع أهداف علاجية واضحة ويمكن قياسها.


استعمالات العلاج بالموسيقى


تستعمل الموسيقى كجزء من علمية علاج وتأهيل الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النمو المختلفة، حسب الاحتياجات الصحية لهم. ويمكن استخدامها في عملية تطوير المهارات الدقيقة والحركية اَلْمُشْتَرَكَة، وتنظيم العاطفة والإدراك، والتركيز وتنمية الاستقلال والتعبير عن الذات وتعزيز النطق وتطويره وتنمية المهارات الاجتماعية وغيرها. فالموسيقى تساعده الطفل في إدراك احتياجاته، والتغلب على مخاوفه. مما يساعد على تحقيق التوازن الداخلي للطفل مع البيئة المحيطة بهم. كما أنها وسيلة رئيسية لتقوية العلاقة بين المعالج والطفل، ولها دور كبير في الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية للفرد.

يشمل العلاج بالموسيقى: صنع الموسيقى، وكتابة الأغاني، والغناء، والرقص، والإستماع للموسيقى ومناقشة الموسيقى.


أحد ما يميز العلاج بالموسيقى هو عد وجود قيود على عمر الأطفال أو قدرتهم في العلاج بالموسيقى. ولا يتعين على الطفل معرفة النوتات الموسيقية. فالمعرفة الموسيقية ليست ضرورية على الإطلاق في عملية العلاج بالموسيقى. بل يعتمد على فرضية أن كل طفل، مثل البالغين، هو قادر على الاستجابة وَالتَّأَثُّر بها. فالموسيقى هي من التجارب الأولى في حياة كل إنسان. التواصل بين الطفل والأم يقوم أولاً على الصوت، والنغمات، أي العناصر الموسيقية، وبعد ذلك على الكلمات.


يندمج الأطفال بسرعة كبيرة في الأنشطة والألعاب العفوية. وتعمل الموسيقى على تشجيع الأطفال للتفاعل بشكل أكبر مع الأنشطة الفردية والمشتركة. كما أن العزف أو النقر باليدين والتفاعل مع أي أداة تصدر أصوات يساعد الأطفال على تنسيق الحركة بين اليدين والسمع لإصدار نغمات مختلفة. وتتطور تدريجياً لتصبح ملاءمة ومريحة للأذن . يساعد هذا على إنشاء علاقة علاجية بسرعة تُستخدم لاحقاً لتعزيز المهارات اللفظية وتطويرها، لذلك، يُوصى دائما باستخدام هذا النوع من العلاج بشكل خاص مع من يعانون من صعوبات في النطق. كما أن هذا العلاج يستخدم مع الأطفال الذين يواجهون مشكلات في النمو كونه سهلا وأكثر قبولاً من الاتصال اللفظي، فلموسيقى قد تكون أوضح من الكلمات في التواصل.

أم وطفلة تعزفان البيانو في المنزل كطريقة للعلاج بالموسيقى

فوائد العلاج بالموسيقى

يمكن أن يكون العلاج بالموسيقى مخصصًا بدرجة كبيرة ، مما يجعله مناسبًا للأشخاص في أي عمر – حتى الأطفال الصغار جدًا يمكنهم الاستفادة منه. كما أنها متعددة الاستخدامات وتقدم فوائد للأشخاص الذين لديهم مجموعة متنوعة من مستويات الخبرة الموسيقية والذين يعانون من تحديات نفسية أو جسدية مختلفة.

يمكن أن يساعد العلاج بالموسيقى إلى:

  • تنشيط مناطق الدماغ التي تؤثر على وظائف محددة، مثل الذاكرة والعواطف والحركة والتتابع الحسي وبعض الوظائف اللاإرادية واتخاذ القرار والمكافأة [5]
  • تلبية الاحتياجات الاجتماعية في مجموعات [6]
  • انخفاض معدل ضربات القلب وضغط الدم [7]
  • استرخاء العضلات
  • إفراز هرمون الاندورفين [8]
  • تخفيف التوتر وتعزيز مشاعر الهدوء
  • تقوية المهارات الحركية وتحسين التواصل للأطفال الذين يعانون من صعوبات في النمو و / أو التعلم [9]

تعتبر الموسيقى تدخلاً منخفض التكلفة في الجلسات التأهيلية. فيتم تنفيذ أنشطة موسيقية من خلال العزف على الآلات المختلفة، وغناء القصص والرقص والاستماع إليها. وتستعمل إما لتهدئة الطفل أو تنشيط حركته وإدراكه وتحسين الحالة المزاجية. يقوم المعالج بإدارة الجلسة مع إعطاء مساحة للطفل للحصول على ما يريده من الآلات الموسيقية بشكل شبه منسق. ويشجع المعالج الطفل على التعبير عما في داخله بحرية. ومن ثم يوحيه الطفل من خلال الحركات أو الأصوات والتمارين لتحقيق هدف الجلسة.


شاركنا تجربتك مع الموسيقى. هل تعتقد أن لها تأثيراً عليك؟

المراجع

  1. Music therapy in Ancient Greece
  2. Impact of Music Therapy to Promote Positive Parenting and Child Development
  3. Music therapy for children with autism: investigating social behaviour through music
  4. Music Therapy and Music Medicine for Children and Adolescents
  5. American Music Therapy Association (AMTA). Music therapy with specific populations: Fact sheets, resources & bibliographies.
  6. Altenmüller E, Schlaug G. Apollo’s gift: New aspects of neurologic music therapy. Prog Brain Res. 2015;217:237-252. doi:10.1016/bs.pbr.2014.11.029
  7. Werner J, Wosch T, Gold C. Effectiveness of group music therapy versus recreational group singing for depressive symptoms of elderly nursing home residents: Pragmatic trial. Aging Ment Health. 2017;21(2):147-155. doi:10.1080/13607863.2015.1093599
  8. Dunbar RIM, Kaskatis K, MacDonald I, Barra V. Performance of music elevates pain threshold and positive affect: Implications for the evolutionary function of music. Evol Psychol. 2012;10(4):147470491201000420. doi:10.1177/147470491201000403
  9. Pavlicevic M, O’neil N, Powell H, Jones O, Sampathianaki E. Making music, making friends: Long-term music therapy with young adults with severe learning disabilities. J Intellect Disabil. 2014;18(1):5-19. doi:10.1177/1744629513511354
  10. Chang YS, Chu H, Yang CY, et al. The efficacy of music therapy for people with dementia: A meta-analysis of randomised controlled trials. J Clin Nurs. 2015;24(23-24):3425-40. doi:10.1111/jocn.12976