دراسة حالة: استخدام الصالة الرياضية الحسية في جمعية سند لذوي الاحتياجات
تحقق الصالة الرياضية الحسية في جمعية سند لذوي الاحتياجات الخاصة نجاحًا. وتقوم بإثراء جلسات العلاج وتحسين التكامل الحسي وتعزيز الرفاهية العامة للأطفال ذوي الهمم. وتشكل مثلاً على التأثير الإيجابي للحلول الحسية المبتكرة في تعزيز بيئات شاملة علاجية وتأهيلية للأطفال.
مقدمة
غالبا ما تواجه الأسر والمراكز التأهيلية والعلاجية تحديات لمواكبة التطورات المتسارعة في التكنولوجيا التعليمية والتأهيلية والعلاجية المساندة، وقد يجدون صعوبة في توظيفها بما يخدم الأطفال ذوو الهمم. ويكون ذلك بهدف زيادة رفاهية الأطفال وقدرتهم على الاندماج في المجتمع. ومن هذا المنطلق، قامت جمعية سند الاحتياجات الخاصة بتوفير الصالة الرياضية الحسية ضمن المرافق والخدمات التي تقدمها.
أتى ذلك سعياً وراء تعزيز برامج التأهيل، وتقديم نتائج أفضل للأطفال. حيث توفر الصالة الرياضية الحسية مساحة متكاملة تعمل على تحسين المعالجة والتكامل الحسي، وتعزيز النمو البدني، والتطور الاجتماعي والعاطفي. كما تعمل أيضاً على رفع جودة التدخلات العلاجية، وتعزيز رفاهية ونمو الأطفال البدني والحسي والعقلي.
وفي هذه الدراسة، نلقي الضوء على تجربة الجمعية باستخدام الصالة الرياضية الحسية في تحقيق تأثير إيجابي على نهج العلاج والتأهيل. حيث قام فريق البحث والتطوير لدينا في آيرس بإجراء مقابلة مقننة مع أخصائيي الجمعية، وزيارة الصالة لديهم. ونقدم لكم هذا الملخص الذي يناقش فوائد الصالة الرياضية الحسية، ومبادئ تصميمها، وقدرتها على تحسين الرفاهية الجسدية والمعرفية والعاطفية والاجتماعية للأفراد ذوي الهمم.
عن الجمعية: جمعية سند لذوي الاحتياجات الخاصة
جمعية سند لذوي الاحتياجات الخاصة تلتزم بتمكين الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة وخلق مجتمع شامل. تأسست في عام 2012، في نابلس، فلسطين. تٌعنى بتقديم الأنشطة الخدماتية التأهيلية كالعلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، والعلاج النفسي، وعلاج النطق واللغة. بالإضافة لجلسات التفريغ بالفن والتربية الخاصة.
تُعنى الجمعية بتفأنشطة مجتمعية توعوية وبرامج لبناء القدرات. وتنفذ ورشات توعية للأمهات, والمتطوعين, والطلاب, والخريجين , ومدرسات رياض الأطفال. وتطرح تدريبات متخصصة لاحتواء وتجهيز الخريجين من نفس المجال التخصصي لتمكينهم عملياً. بالإضافة إلى توجيه الحملات لمناصرة وتأييد حقوق ذوي الهمم، والتنسيق والتشبيك مع المؤسسات المختصة بنفس المجال.
تستقبل الجمعية حاليًا 130 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 2 و 16 عامًا، وتستهدف بشكل خاص الأطفال المصابين بأحد اضطرابات التوحد، بالإضافة إلى الحالات الأخرى مثل متلازمة داون ومتلازمة اقزام امستردام، ومرضى الشلل الدماغي والصعوبات السمعية والإعاقات الحركية والمشاكل النفسية والاضطرابات السلوكية.
يضم فريق الجمعية 15 أخصائيًا متخصصين في مجموعة من التخصصات بما فيها علاج النطق والتربية الخاصة والعلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي. وتقوم الهيئة الإدارية للجمعية برئاسة السيدة دينا الجوهري بتوجيه جهود الجمعية نحو تحقيق أهدافها .
الصالة الرياضية الحسية – من الفكرة حتى التنفيذ
يكمن الهدف من استخدام هذه الأدوات في تطوير الذكاء العضلي البدني، وتحقيق التآزر العضلي البصري الحركي للطفل ،والتوازن العام. وتكون المعدات والأدوات على درجة عالية من الأمان للأطفال كونها مغطية بالاسفنج المقوى والجلد على الجدران والارضية بسمك 8 سم.
وفر فريق اَيرس الصالة الرياضية الحسية في شهر آذار من عام 2023. واحتوت الصالة على: حائط التسلق، وزاوية الأنشطة المتعددة التي يوجد بها 6 انشطة تسلق بالحبال والبكرات والسلالم الخشبية والشبكية. بالإضافة لمنصة الانطلاق. والمراجيح العلاجية المتنوعة التي تعمل على تحسين التوازن الدهليزي للأطفال مثل ارجوحة العجل وارجوحة القرص و ارجوحة المنصة. ومجموعة من الأوزان المناسبة للأطفال وكيس الملاكمة.
تتبع آيرس خطوات نظامية لتوفير خدمة الصالة الرياضية الحسية تتلخص كالتالي: جمع ودراسة المتطلبات، وتقييم الاحتياجات، وتحديد الفئة العمرية للمستخدمين، والمساحة المتاحة. ومن ثم اتجهت آيرس في زيارة للجمعية وقامت بالاطلاع على الموقع وأخذ القياسات، ليتم بعد ذلك وضع التصاميم الأولى ومناقشته مع طاقم الجمعية.

وتم تزويد وتثبيت الصالة الرياضية الحسية في الجمعية في الربع الأول من عام 2023. وبعدها تم تقديم التدريب للأخصائيين في الجمعية للتأكد من استخدامها بالشكل السليم وتحقيق أقصى استفادة من جميع مميزاتها.
منهجية الدراسة
قامت وحدة البحث والمتابعة بعمل زيارات ميدانية لملاحظة كيفية استخدام الصالة الرياضية الحسية بالإضافة لاستخدام أداة المقابلة شبه المقننة. حيث أُجريت المقابلة مع الاخصائية المهنية داخل جمعية سند، السيدة نضال حنون، التي تعمل في الجمعية منذ 5 سنوات. تضمَّنت المقابلة مجموعة من الأسئلة الكمية والنوعية بواقع 27 سؤال.
معلومات عن الأخصائية – السيدة نضال حنون
المدرسة والخبيرة النفسية نضال حنون. حاصلة على شهادة في فلسفة واجتماع فرع علم النفس من جامعة الإسكندرية في عام 1994. تخصصها الجامعي جمع عدة فروع تأهيلية، شملت العلاج الطبيعي والوظيفي والنفسي والنطق. يٌذكر أن نضال حنون درست اللغة في القرآن الكريم، مما أكسبها خبرة في مجال تأهيل صعوبات النطق.
لدى نضال خبرة محلية ودولية تزيد عن 11 سنة في مجال التعليم والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة. حيث عملت في المملكة العربية السعودية في مدرسة Sun Gardens لمدة 5 سنوات. شغلت بها منصب مشرفة تربوية مهنية ومدرسة ثنائية اللغة. بالإضافة إلى تدريب المعلمات في المدرسة. أيضًا، قامت نضال بالعمل كمتطوعة في جامعة البترول والمعادن لمدة سنتين مع مؤسسة Teacher of Young Children، حيث تركز عملها على الغرفة الحسية والأدوات الحسية المساندة.
حاليًا، تعمل نضال في جمعية سند لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. حيث تشغل منصب خبيرة نفسية ومشرفة مهنية. تقوم بمتابعة الخطط الفردية لأطفال الجمعية، وتحديد الأهداف التأهيلية والعلاجية لهم، ومراقبة تنفيذها.

آلية العمل في الصالة الرياضية الحسية
نظام الجلسات
يتبع الاخصائيون في الجمعية نظام الجلسات العلاجية والتأهيلية بشكل يومي بواقع 8 جلسات يومياً. تستمر الجلسة الواحدة حوالي 40 دقيقة. ويتراوح الاستخدام الأسبوعي للصالة الرياضية الحسية بين 40- 48 ساعة بالمعدل.
طبيعة الحالات التي تستخدم الصالة الرياضية الحسية
تستهدف الجمعية كل الأطفال المنتمين إليها في جلسات الصالة الرياضية الحسية. ولذلك، تم إدراجها ضمن معظم الخطط العلاجية والتأهيلية للأطفال لدورها في تعزيز التآزر العضلي الحركي البصري و التوازن العام.
تسير الجلسات ضمن خطة وضعت مسبقا من اخصائيي الجمعية. وتراعي الفروقات في المراحل العمرية واحتياج الطفل. وتتم حسب المرحلة المتوقعة لنمو الجسدي والعقلي للقيام بتمرين أو مهارة معينة مثل المشي أو القفز, أوالدفع والشد.
بعد تقييم حالة الطفل و تحديد الهدف من هذه الجلسات, يتم إدراج الصالة الرياضية الحسية ضمن الخطة العلاجية أو التأهيلية للطفل. مثلا، لتحقيق هدف تحسين المشي والتوازن لدى الطفل يطلب الأخصائي من الطفل المشي بطريقة مستقيمة أو اتباع لون معين والمشي معه, ويجري التدريب على هذا الهدف حتى يتقن الطفل المهارة إن أمكن ذلك.
الخطط العلاجية والتأهيلية التكاملية
يقوم الأخصائيون بتصميم الخطة بشكل تعاوني لتحقيق الأهداف بشكل أسرع من خلال الجلسات. مثلاً: في حال أن تقرير أخصائي العلاج الوظيفي أظهر أن الطفل لا يستطيع التسلق، يقوم أخصائي النطق وأخصائي العلاج الوظيفي بالتعاون داخل الصالة الرياضية الحسية للعمل على تعليم الطفل مهارة التسلق و تعلم المصطلح الجديد. ويقوم الاخصائي النطق بالتركيز على كلمة (تسلق) في جلسته. يساعد ذلك على رسوخ المعلومة بشكل أفضل من خلال الممارسة العملية الفعلية و التطبيق العملي.
يمكن أن تتم الجلسات للأطفال بشكل فردي و جماعي. ولكن بشكل عام في جمعية سند، لا يتم تنفيذ جلسات جماعية في الصالة الرياضية الحسية, لأن طبيعة الجلسات هي جلسات فردية.
لكن قد تستدعي الخطط التأهيلية دخول الأطفال مع بعضهم البعض, لتطوير بعض السلوكيات كالمشاركة والدمج الاجتماعي. حيث تتم جلسة اللعب بطريقة جماعية منظمة لتشجيع هذه السلوكيات.
يلعب الجانب الجذاب للأدوات الحسية المستخدمة في الصالة الرياضية دورًا مهمًا في الجلسات. ويعتبرها الأطفال ألعابًا ترفيهية. قد يستخدم الأخصائي أسلوب المكافأة إذا قام الطفل بتنفيذ مهارة معينة، فيكافئ الاخصائي الطفل بقضاء وقت على الأداة التي يرغب بها وتعجبه. وهذه الطريقة ناجعة في ضبط والسلوك سواء في الجمعية أو البيت. وذلك من خلال المتابعة مع الأم لسلوكيات الطفل في المنزل. فإذا أبدى الطفل التزامه بالتعليمات وحسن سلوك في المنزل، يمكن للأطفل قضاء وقت أكبر في الصالة الرياضية الحسية بالشكل الذي يحب.
تبدأ الجلسة عادة بدخول الطفل ووقوفه في منتصف الصالة. ثم يبدأ العمل على تحقيق الهدف المحدد مسبقًا باستخدام الأداة المناسبة لهذه الأغراض. ويجب أن تكون نسبة نجاعة كل هدف بشكل مقبول أو مرتفع. ويستمر العمل على الهدف حتى يستطيع الطفل القيام بالمهارة أو الهدف بالشكل المقبول حسب الخطة والمرحلة.

يوسف وأسعد
على سبيل المثال،في حالة الطفل يوسف، الذي تم تشخيصه بالتوحد وكانت أسباب توحده بيئية مجتمعية. تطورت حالته منذ انضمامه إلى الجمعية قبل سنتين، حتى وصل الى مرحلة متقدة من التأهيل.
تلقى يوسف علاجًا حسيًا في البيئة الحسية. واستخدم الصالة الرياضية الحسية بكامل أدواتها. حيث يتم توزيع الأربعين دقيقة على كل الأدوات الحسية لتحقيق التكامل الحسي. وتعد الصالة الرياضية الحسية بالنسبة لحالته إضافة مكملة للعلاج الحسي والحركي الذي تقدمه الجمعية، بجانب الغرفة الحسية.
بدأ علاجه بالتدرج في مراحل, بداية من الغرفة الحسية ومن ثم الغرفة الحسية المظلمة، التي ساهمت بشكل كبير في تحسين التكامل الحسي. وأدرجت الصالة الرياضية الحسية في خطة تأهيله، والتي أسهمت في تحقيق نتائج إيجابية، حتى أصبح قادرًا على الاستغناء عن معلمة الظل المرافقة له.
أيضا. التحق أسعد ذو التسع سنوات بجمعية سند منذ ثلاث سنوات. وكان يعاني من مشكلة نقص الأكسجين التي أثرت على مراكز الحركة لديه. وجعلته بحاجة مستمرة لمرافق أثناء المشي.
ومنذ إدراج الصالة الرياضية الحسية في خطته العلاجية, تطور بشكل لافت عبر الاستخدام المتواصل للصالة الرياضية الحسية. وركزت الجلسات على الأراجيح مثل: ارجوحة العجل وارجوحة القرص و ارجوحة المنصة.
من ناحية أخرى يقوم الاخصائيون، بالتركيز على تمارين التنفس مع الأطفال. للقدرة على دعم النشاطات بدنية وحركية التي قد تكون متعبة للأطفال في بعض الأحيان. فعادة ما يقوم الطفل بتمارين التنفس قبل وخلال وبعد الجلسة. بالإضافة للتركيز على ضرورة شرب الماء أثناء الأنشطة. وبعد انتهاء التمارين داخل الصالة الرياضية الحسية يتم تنفيذ تمارين التهدئة، واطالة العضلات للاطفال مثل الوقوف على رؤوس الأصابع والتنفس العميق.
النتائج
بالاعتماد على ما سبق نستنتج أن تنفيذ مشروع الصالة الرياضية الحسية في جمعية سند لذوي الاحتياجات الخاصة قد حقق نتائج مرضية, وبشكل عام يمكن تلخيصها كالتالي:
- استخدام الصالة الحسية يُسهم في تحسين التكامل الحسي والحركي للأطفال.
- تُعزِّز الصالة الحسية الانخراط والتركيز لدى الأطفال، حيث توفر بيئة محفزة.
- الألعاب الحسية الرياضية تحفّز استجابة الحواس وتساهم في تركيز الطفل على الأنشطة المقدمة.
- تحسن الصالة الرياضية الحسية تنظيم السلوك والعاطفة للأطفال عند الإستخدام المنتظم.
- تحسن الصالة الرياضية الحسية المهارات الحركية والتنسيق الحركي عند الأطفال الذين يستخدمونها بانتظام. التسلق، الزحف، الحركات الحسية الأخرى تسهم في تنمية القوة العضلية وتحسين التوازن والتحكم في الحركة.
التوصيات
كان مجمل توصيات أ. نضال حنون بزيادة الأدوات التي تساعد الطفل على إتقان مهارة التزحلق بشكل أوسع بالإضافة لمنصة الانطلاق الموجودة بالفعل. أيضا إضافة أنشطة لزاوية الاختباء الموجودة في أسفل منصة الانطلاق.
بالإضافة أن أ.حنون قدمت توصية للمراكز التأهيلية والعلاجية الأخرى بإدراج الصالة الرياضية الحسية ضمن خططهم العلاجية والتأهيلية.